البديل برس الأخباري

الاخبار العاجلة

في رثاء أسامة ماهر الإنسان... حين يترجل الفارس

Dr Abas
19 Jul, 2025
108

شركة شحن

عن أسامة ماهر الإنسان أتحدث...

عن ذاك الرجل الذي مرّ بيننا مرور الكرام جسدًا، لكنه ترك أثرًا لا يُمحى في الأرواح والقلوب.

لم يكن أسامة من أولئك الذين توقفهم القيل والقال، بل كان من معدنٍ نادر لا يهاب الكلام، ولا ينكسر أمام الشدائد. كان يمضي في دربه واثق الخُطا، لا تهمه الأضواء، بقدر ما كانت تهمه القيم والمواقف والثبات عليها. وحين تُذكر القامات التي صمدت في وجه الريح، فلا بد أن يقال: "كان أسامة ماهر هنا".

في رحلته الأخيرة إلى القضارف، تلك المسافة الطويلة التي قطعها بجسده، كانت روحه تمضي بنا في درب الصبر، توزع الأمل، وتغرس المعاني النبيلة على طول الطريق. لم تكن تلك الرحلة مجرد انتقال مكاني، بل كانت صورة مصغرة لمسيرته في الحياة: حاضِرٌ دائمًا، ومشاركٌ في كل ما يعني الوطن والناس.

كان حاضرًا في أفراحنا، من الخرطوم إلى شرق السودان، يقطع المسافات ليكون بيننا، لا تردعه مشقة سفر، ولا تثنيه مسؤولياته. في كل مناسبة كان وجهه أول الحاضرين، وصوته أكثر الأصوات بهجةً أو دفاعًا، حين يُطلب الموقف، أو تفرض المعركة حضور الرجال.

صوته كان صادقًا... حين يتحدث عن الوطن، كانت كلماته تقطر من حرارة قلبٍ أحب هذه الأرض وأبناءها، وتشبّع بمبادئ العدل والكرامة. لم يكن يساوم، ولم يكن يهادن في الحق، كان شجاعًا في زمنٍ عزّ فيه الشجعان.

ولأنه قائد بالفطرة، كان مرشدًا وناصحًا وملاذًا لأصدقائه، لا سيما المغيرة ومصطفى، اللذين لم يعرفا منه إلا الوفاء، ولم يذكرا عنه يومًا إلا النُبل. كم من مرة أسندتهما كلماته؟ كم من موقف كان فيه السند حين تخلّى الآخرون؟ لقد كان ثالثهم في الهم، وأولهم في الفرح، وصاحبهم في تفاصيل الحياة.

ورحل أسامة...

ترجّل الفارس وترك فينا فراغًا لا يملؤه أحد، لكنه وضع بصمةً لن تمحوها الأيام، وعلّمنا كيف نكون رجالًا حقيقيين، كيف نحب وطننا، ونصون صداقاتنا، ونمضي في درب القيم مهما كانت التكاليف.

نم قرير العين يا أسامة،

فذكراك باقية فينا، وصوتك يعلو كلما همس الحزن في القلب، ومواقفك نبراس نقتدي به في زمن اختلطت فيه الأصوات وتبدّدت فيه المواقف.

سلام عليك في الخالدين...

شركة جريس لاند لخدمات الشحن المختلفة